تابع الفصـل الأول

من كتاب الشخصية

للكاتب عبد الله خمّار

 

تمارين تطبيقية

تمرين 1:

  1.  حاول أن تظهر مدى نجاح الكاتب في بناء شخصية حميد سراج من خلال تطبيق المعيارين الواردين في الفقرة الأخيرة.

  2.  رتب مزايا شخصية حميد سراج حسب أهميتها وتأثيرها في أداء دوره القيادي، وعلل أسباب اختيارك.

  3.  ما العواطف التي أثارتها فيك هذه الشخصية؟ بين نوع كل منها وفي أي المواقف في النصوص التي مرت بك؟.

تمرين 2:

        إقرأ بإمعان النصين الآتيين ثم أجب عن أسئلة كل منهما:

1- صبرية (إلفت الإدلبي):

        "سمعت امرأة من الجيران تهمس في أذن أخرى:

- كيف تستطيع صبرية أن تأتي بالدموع متى شاءت؟ لاشك أنها ارتاحت لموت أبيها، ألا يكفي أنها ظلت تخدمه عشر سنوات؟ أمضت شبابها كله كسجينة محكوم عليها بالأشغال الشاقة، (كان أبوها مقعدا لإصابته بالفالج بسبب إفلاسه)، لقد استراح الآن وأراح.

وردت الأخرى بصوت خافت:

- لاتقولي هذا، مهما يكن الأمر فالأب عزّ، إنها الآن لا تبكي على أبيها وإنما تبكي على نفسها، وإلى ماسيؤول إليه حالها من بعده. مسكينة المرأة التي لم تتزوج، كم تشعر بالمرارة والمذلة حين تجد نفسها عبئا ثقيلا على إخوتها أو أهلها.

هزت الثانية رأسها وقالت:

- والله كلامك صحيح، على رأي المثل: "ياويل من كان رجالها بنيْها (ابنها)، وعَشاها من بيت خيْها (أخيها)."

        كدت أنفلق غيظا وأنا أستمع إلى هذا الحوار الذي يجري أمامي بين المرأتين دون أن تفطنا إلي.

        حقا ما أتعس المرأة في بلادنا يحرمونها العلم والعمل، يكبلونها بالعادات والتقاليد، يجعلون منها عالة بالرغم عنها، ثم يروحون يتبرمون بها ويستثقلون حملها. ما أغباني... كيف لم أدرك ما أدركته هذه المرأة العجوز؟ رحت ألوم عمتي على بكائها، وأتهمها فيما بيني وبين نفسي بالنفاق، أنا التي أعرف من أمرها مع أخويها مالم تعرفه هذه العجوز التي حنكها الدهر.

        كان لم يمض على موت جدي سوى عشرة أيام إذ اجتمع في هذه الصالة التي نحن فيها الآن أبي وعمي وأمي وامرأة عمي، وكانت عمتي قد خرجت من البيت وذهبت إلى المقبرة لتزور قبر أبيها، وكأن عمي قد اغتنم فرصة غياب أخته فقال لأبي:

-ما رأيك في أن نبيع هذا البيت بعد مضي أربعين يوما على وفاة أبينا؟ سأطلب من أحد الدلالين أن يجد لنا مشتريا له منذ الآن.

        قالت امرأة عمي وكانت ذات عينين صغيرتين دائمتي الحركة، توحيان بخبث صاحبتهما ومكرها:

-الإسراع ببيع البيت أمر ضروري، لأن أسعار الأملاك مرتفعة الآن فيجب أن نغتنم الفرصة.

قال أبي: -إذا بعنا البيت أين ستسكن أختي صبرية؟ والله لو كان بيتنا واسعا لأسكناها معنا.

قالت امرأة عمي متحدية: -ليكن في معلومكم أني لن أسكن مع أحد أبدا.

قالت أمي: أين ستسكن بنت حميك إن لم تسكن مع أخيها الكبير؟ أنت ليس عندك أولاد وبيتك متسع، أما نحن فليس في بيتنا مكان لسرير واحد.

التفتت امرأة عمي إلى زوجها وقالت له بلهجة قاطعة: -يوم تدخل أختك بيتنا سأخرج منه أنا؟ أنت أعرف الناس بطبعي، أنا عصبية وموسوسة، لا أحتمل أحدا في بيتي. إن مداراة امرأة عانس شيء لايطاق.

قال عمي ملاطفا زوجته: -طولي بالك يا امرأة... لاتنزعجي سلفا. سنستأجر لها بيتا صغيرا ونسكنها وحده.

أجابته هازئة منددة:

-ما شاء الله... تستأجر لها بيتا؟... من أين لك أو لأخيك المال الكافي لاستئجار البيوت؟ موظفان صغيران ليس لديهما إلا راتباهما، ألا يكفي أن تسكن أختكما العانس في غرفة صغيرة عند جيران؟.

فقال عمي: -والله إنها فكرة لابأس بها.

ويسود صمت. كأن أبي وأمي قد وافقا أيضا على هذه الفكرة التي جادت بها قريحة امرأة عمي.

        وأشعر فجأة بكره لهم جميعا، إنهم يتآمرون على هذه المسكينة عمتي بعد تعبها المضني، وصبرها الطويل عشر سنوات كاملة. لقد حزنت عليها من صميم قلبي. كنت أعرف كم تحب هذا البيت، فلم يكن لها في حياتها البائسة من سلوى سواه. كانت تتسلى بزرع الأحواض التي حول باحة الدار بالأزهار النادرة، ودوالي العنب، وأشجار النارنج والكباد والليمون، وتعلق عليها أقفاص الشحارير والحساسين والكناريا، كما كانت تربي فيه القطط الشامية الحلوة. وتضع في بحرته الأسماك الملونة، وكانت تجد في ذلك كله متعة كبيرة، ومؤنسا لها في وحدتها. وتتباهى به أمام جيرانها وصديقاتها فتوزع أزهاره ونارنجه وكباده عليهم جميعا.

        فكيف يريدون لها أن تسكن في غرفة صغيرة عند جيران، وهي بنت تاجر كبير كانت له مكانته المرموقة بين أهل الحي، وبين زملائه التجار؟".

دمش يابسمة الحزن ص 11

الأسئلة:

  1.  ما غاية الأخوين وزوجتيهما في هذا النص؟ وما الدافع؟ وما الوسيلة التي يخططون لها لتحقيق هذه الغاية؟

  2.  ما رأيك في هذا السلوك؟ وضح.

  3.  ماذا تعتقد أن يكون رد فعل "صبرية" عند معرفتها بنواياهم.

  4.  مالقضية الاجتماعية التي طرحها الكاتب من خلال شخصية "صبرية"؟ وهل هي شائعة في مجتمعنا؟ استشهد بأمثلة من الواقع إن كانت شائعة.

  5.  استخرج مقومات شخصية صبرية التي أعلمنا النص عنها؟ وما الصفة الغالبة فيها؟ علل رأيك بشواهد من النص.

  6.  أي الشخصيات تبدو لك أكثر أنانية من الأخرى؟ ولماذا؟.

  7.  ما موقف الراوية؟ وضحه بشاهد من النص وبين دلالته.

2- المعلم (عبد الحميد بن هدوقة):

        "كانت العشية ممتعة بالنسبة للمعلم، فقد كان اتصاله بالسكان مرضيا فوق ما كان يقدر. وأحس لأول مرة منذ سنين طويلة بخفة في الروح، ونشاط في الجسم، وتفتح نفسي داخلي إلى استقبال هذه الحياة الريفية الجديدة الساذجة التي لم تمسسها تعقيدات الحياة المدنية وتشابكها. وها هو ذا يتنفس هذا الهواء النقي بكلتا رئتيه. وهاهو نظره يمتد إلى ماشاء له الفضاء أن يمتد. وها هي السماء بزرقتها فوقه كما ينبغي لها أن تكون، لا تقسمها العمارات الشاهقة أجزاء ورقعا وأشكالا بعيدة عن كل ذوق وفن. إنها تمتد من جهة حتى تتصل بالأرض وتحنو من جهة أخرى على جبال سامقة خاشعة.

        هاهي ذي تلك الأصوات القديمة التي ألفتها نفسه في الطفولة والشباب وأحبتها، أخذت تعود إلى سمعه ونفسه فتملؤها حنانا وحبا، وتصل بينها وبين الطبيعة في أجمل ماتمثله من زقزقة عصافير، وثغاء خراف، وأصوات أخرى كثيرة يعرفها الريفي وحده، ويحس بها أكثر من غيره، فهو إذن بكل هذا سعيد، وهو إذن في هذه القرية سوف يستأنف طفولته بفكر جديد وعن تجربة طويلة. يستأنف طفولته البريئة ببراءة نفس وطهارة ضمير وعمل متواصل، وحب لهؤلاء الناس جميعا، مهما كانت الظروف، لأنهم في حاجة إلى الحب، وفي حاجة إلى من اتسعت خبرته وتعاقبت تجاربه. إنهم أحق من كل أحد آخر بكفاءته مهما كانت ضئيلة، وبعلمه مهما كان قليلا، وبتوجيهه ونصحه والعمل معهم جنبا إلى جنب، وبحياته لحياتهم في سرائها وضرائها. ألم تسر به المدينة بالأمس إلى اليأس؟ ألم تراود ذهنه عشرات المرات فكرة الانتحار؟ ألم يكن ضالا في متاهة من العبث؟ ألم يكن...

        لقد اهتدى فعلا إلى الطريق الصحيح، وماعليه إلا السير بلا توقف. إن ضاقت نفسه في يوم ما من هذه القرية، أوضاقت هذه القرية بوجوده، فالقرى كثيرة. لوخصص من عمره الباقي سنة فقط لكل قرية لكفت منطقة صغيرة لباقي عمره، فكم ترى يمكن أن يعيش؟ عشرين سنة أخرى؟ ثلاثين؟ أربعين؟... على كل لم يبق من عمره أكثر من هذا القدر، وأربعون سنة أخرى تبلغ به الثمانين. وتلك سن قصوى يمكن أن يبلغها عمر رجل مثله؟ لكن أربعين قرية في أرض كلها قرى لاتمثل إلا مجموعة ضئيلة لناحية واحدة من نواحي الريف الجزائري، ومهما تتطور وتتقدم هذه القرى في حياتها الاقتصادية والاجتماعية فلن تكون أبدا في غنى عن معلم. ومهما تطورت وتقدمت وتعلمت، فلن تتعقد حياتها وعلاقات الناس فيها حتى تصل بهم إلى اليأس والتفكير في الانتحار. لأنها على اتصال مستمر بالفلاحة. والفلاحة ينبوع ثرار للأمل والتعاون،واليأس يعيش حيث تطغى الأنانية والمصلحة الخاصة،ويفقد التعاون بين الناس كل مضمون.

        إذن هذا هو البرنامج، وتلك هي الطريق، وتلك هي ملامح المستقبل أمامه تبدو ضيئة نضيرة، لاتحتاج إلى فروض ذهنية كثيرة، ولا إلى حدس أو تخمين. إنه مهما حاول تسويد هذا المستقبل الذي ينتظره بين الريفيين، كما تعودت نفسه القلقة أن تفعل -أن لاترى في الحياة إلا جانبها المظلم- فلن يفلح، لأن السواد لون لايقوم في العمل من أجل إسعاد الآخرين، البؤساء، سكان الريف...".

نهاية الأمس ص17

الأسئلة:

  1.  إستخرج مقومات شخصية المعلم التي أبرزها الكاتب مستعينا بالجدول الآتي:

البيئة- الثقافة- العمل- المزاج- العواطف- الأخلاق- علاقته بمن حوله وبما حوله.

  2.  حاول إستنتاج غاية المعلم ودافعه ووسائله، وعلل استنتاجك بشواهد من النص.

  3.  ما الصفة الغالبة فيه؟ علل.

  4.  ما الذي يظهره هذا النص من عيوب المدينة ومزايا الريف؟

  5.  ما القضية التي يطرحها الكاتب من خلال شخصية المعلم. هل هي صعوبة الحياة في المدينة؟ أو الهجرة الريفية؟ أو تشجيع المثقفين الريفيين على العمل في الريف؟ أم هذه القضايا مجتمعة؟ وضح رأيك وعلله.

  6.  هل ما تزال هذه القضية مطروحة؟ استشهد بأمثلة من الواقع إن كان الجواب بنعم.

لقراءة الفصل التالي انقر هنا: الفصل الثاني: نماذج أخرى من بناء الشخصية- الشخصية المستهترة لنجيب محفوظ

لقراءة الجزء السابق من هذا الفصل، انقر هنا: نموذج من بناء الشخصية: حميد سرّاج لمحمد ديب

 للاطلاع على فصول الكتاب، انقر هنا:  الشخصية

للاطلاع على الكتب التعليمية الأخرى للكاتب انقر هنا: كتب أدبية وتربوية